فصل: باب العلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.مسير شاهرين صاحب خلاط الدين لنجدة صاحب الموصل.

كان عز الدين قد أرسل إلى شاهرين يستنجده على صلاح الدين فبعث إليه عدة رسل شافعا في أمره فلم يشفعه وغالطه فبعث إليه مولاه آخرا سيف الدين بكتمر وهو على سنجار يسأله في الإفراج عنها فلم يجبه إلى ذلك وسوفه رجاء أن يفتحها فأبلغه بكتمر الوعيد عن مولاه وفارقه مغاضبا ولم يقبل صلته وأغراه بصلاح الدين فسار شاهرين من مخيمه بظاهر خلاط إلى ماردين وصاحبها يومئذ ابن أخته وابن خال عز الدين وصهره على بنته وهو قطب الدين ابن نجم الدين وسار إليهم أتابك عز الدين صاحب الموصل وكان صلاح الدين في حران منصرفه من سنجار وفرق عساكره فلما سمع باجتماعهم استدعى تقي الدين ابن أخيه شاهنشاه من حماة ورحل إلى رأس عين فافترق القوم وعاد كل إلى بلده وقصد صلاح الدين ماردين فأقام عليها عدة أيام ورجع والله تعالى ولي التوفيق بمنه وكرمه.

.واقعة الإفرنج في بحر السويس.

كان البرنس ارناط صاحب الكرك قد أنشأ أسطولا مفصلا وحمل أجزاءه إلى صاحب ايلة وركبه على ما تقتضيه صناعة النشابة وقذفه في السويس وشحنه بالمقاتلة وأقلعوا في البحر ففرقة أقاموا على حصن ايلة يحاصرونه وفرقة ساروا نحو عيذاب وأغاروا على سواحل الحجاز وأخذوا ما وجدوا بها من مراكب التجار وطرق الناس منهم بلية لم يعرفونها لأنه لم يعهد ببحر السويس افرنجي محارب ولا تاجر وكان بمصر الملك العادل أبو بكر بن أيوب نائبا عن أخيه صلاح الدين فعمر اسطولا وشحنه بالمقاتلة وسار به حسام الدين لؤلؤ الحاجب قائد الاساطيل بديار مصر فبدأ باسطول الافرنج الذي يحاصر ايلة فمزقهم كل ممزق وبعد الظفر بهم اقلع في طلب الآخرين وانتهى إلى عيذاب فلم يجدهم فرجع إلى رابغ وأدركهم بساحل الحوراء وكانوا عازمين على طروق الحرمين واليمن والاغارة على الحاج فلما أطل عليهم لؤلؤ بالأسطول أيقنوا بالتغلب وتراموا على الحوراء وأسنموا إليها واعتصموا بشعابها ونزل لؤلؤ من مراكبه وجمع خيل الأعراب هنالك وقاتلهم فظفر بهم وقتل أكثرهم وأسر الباقين فأرسل بعضهم إلى منى فقتلوا بها أيام النحر وعاد بالباقين إلى مصر والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء.

.وفاة فرخشاه.

ثم توفي عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه أخو صلاح الدين النائب عنه بدمشق وكان خليفته في أهله ووثوقه به أكثر من جميع أصحابه وخرج من دمشق غازيا الإفرنج وطرقه المرض وعاد فتوفي في جمادي سنة ثمان وسبعين وبلغ خبره صلاح الدين وقد عبر الفرات إلى الجزيرة والموصل فأعاد شمس الدين محمد ابن المقدم إلى دمشق وجعله نائبا فيها واستمر لشأنه والله تعالى يورث الملك لمن يشاء من عباده.

.استيلاء صلاح الدين على آمد وتسليمها لصاحب كيفا.

قد تقدم لنا مسير صلاح الدين إلى ماردين وإقامته عليها أياما من نواحيها ثم ارتحل عنها إلى آمد كما كان العهد بينه وبين نور الدين صاحب كيفا فنازلها منتصف ذي الحجة وبها بهاء الدين بن بيسان فحاصرها وكانت غاية في المنعة وأساء ابن بيسان التدبير وقبض يده عن العطاء وكان أهلها قد ضجروا منه لسوء سيرته وتضييقه عليهم في مكابسهم وكتب إليهم صلاح الدين بالترغيب والترهيب فتخاذلوا عن بيسان وتركوا القتال معه ونقب السور من خارج بيت ابن بيسان وأخرج نساءه مع القاضي الفاضل يستميل إليه صلاح الدين ويؤجله ثلاثة أيام للرحلة فأجابه صلاح الدين وملك البلد في عاشوراء سنة تسع وسبعين وبنى خيمة بظاهر البلد ينقل إليها ذخيرته فلم يلتفت الناس إليه وتعذر عليه أمره فبعث إلى صلاح الدين يسأله الاعانة فأمر له بالدواب والرجال فنقل في الأيام الثلاثة كثيرا من موجوده ومنع بعد انقضاء الأجل عن نقل ما بقي ولما ملكها صلاح الدين سلمها لنور الدين صاحب كيفا وأخبر صلاح الدين بما فيها من الذخائر لينقلها النفسه فأبى وقال ما كنت لأعطي الأصل وأبخل بالقرع ودخل نور الدين البلد ودعا صلاح الدين وأمراءه إلى صنيع صنعه لهم وقدم لهم من التحف والهدايا ما يليق بهم وعاد بهم صلاح الدين والله تعالى أعلم.

.استيلاء صلاح الدين على تل خالد وعنتاب.

ولما فرغ صلاح الدين من آمد سار إلى أعمال حلب فحاصر تل خالد ونصب عليه المجانيق حتى تسلمه بالأمان في محرم سنة تسع وسبعين ثم سار إلى عنتاب فحاصرها وبها ناصر الدين محمد أخو الشيخ إسماعيل الذي كان خازن نور الدين العادل وصاحبه وهو الذي ولاه عليها فطلب من صلاح الدين أن يقرها بيده ويكون في طاعته فأجابه إلى ذلك وحلف له وسار في خدمته وغنم المسلمون خلال ذلك مغانم فمنها في البحر سار اسطول مصر فلقي في البحر مركبا فيها نحو ستمائة من الإفرنج بالسلاح والأموال قاصدون الإفرنج بالشام فظفروا بهم وغنموا ما معهم وعادوا إلى مصر سالمين ومنها في البر أغار الداورن جماعة من الإفرنج ولحقهم المسلمون بايلة واتبعوهم إلى العسيلة وعطش المسلمون فانزل الله تعالى عليهم المطر حتى رووا وقاتلوا الإفرنج فظفروا بهم هنالك واستلحموهم واستقاموا معهم وعادوا سالمين إلى مصر والله أعلم.